النظام القانوني هو مجموعة القواعد القانونية المتجمعة حول ظاهرة معينة وهو مجموعة القواعد التي تنظم قطاعا متجانسا من العلاقات بين الافراد مما يشكل ظاهرة اجتماعية متميزة , و الدول وهي بصدد وضع نظام قانوي تسلك احد الانظمة الاتية:
- مدرسة القانون المدني او القانون الروماني او القانون العام : ويسمى أيضاً “القانونالروماني-الجرماني“. وهو أكثر المدارس شيوعاً في العالم وقد نشأ فيأوروبا القارية، وتعود أصوله إلى القانون المدني الروماني.
- القانون المشترك، ويسمى أيضاً “القانون الأنجلو-ساكسوني” : يتستعمل خليط بين القانون المشترك و القانون المدني على نموذج الدول الخاص , مثل بريطانيا باستثناء ء اسكتلندا , او خليط القانون المدني و القانون المشترك على النموذج الفرنسي مثل كندا باستثناء كويبك , وهو المدرسة القانونية التي تستمد جذورها من التراث القانوني الإنجليزي ومجموعة القوانين النابعة من هذه المدرسة ومن أبرز سماتها الاعتماد على السوابق القضائية كمصدر ملزم للتشريع .
- القانون الاشتراكي : وهو فلسفة قانونية تسعى لخلق مادة قانونية متوافقة مع مبادئ الاشتراكية ، وما زال له دور في قانون جمهورية الصين الشعبية.
- النظام القانوني الاسلامي : والذي ينقسم بدوره الى احد اتجاهين :
- توجه الاسلامي يعتمد على الرجوع الى القوانين الاسلامية التقليدية المحافظة في الاحوال الاحوال الشخصية .
- التوجه الاسلامي الذي يدعو الى اصلاح قوانين الاحوال الشخصية عبر اجتهادات دينية تضمن العدالة والمساواة بين الرجال والنساء .
بينما عند وضع الدول للنظام القانوني المعني بمسائل الاحوال الشخصية فانها تتخذ , النظام الموحد او النظام المتوازي :
- اولا: النظام الموحد :
وهو النظام القانوني الذي يحتوي على قواعد قانونية واجرائية تطبق على جميع المواطنين في الدولة بغض النظر عن اختلافاتهم ،مثل القانون العراقي , حيث جمع هذا القانون كل المذاهب واخضعهم الى معايير موحدة من القوانين المتعلقة بالاسرة والزواج , والجدير بالذكر انه و بعد إسقاط حكم البعث الفاشي عام 2003 في العراق ، وتشكيل مجلس الحكم، إصدر قرار عام 2004 ناصا على (العراقيون احرار في الالتزام باحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم وينظم ذلك بقانون)، فالغي بموجه (قانون الأحوال الشخصية( وقد أحدث هذا القرار سيئ الصيت رد فعل عنيف لدى الشعب وأوساط السياسيين والكتاب التقدميين، مما اضطر تدخل بول بريمر، رئيس الإدارة المدنية لقوات التحالف، فألغى ً القرار , على أساس أن فرض الشريعة الإسلامية لن تنتقص من حقوق المرأة العراقية .
- ثانيا : النظام القانوني المتوازي :
وهو النظام القانوني الذي يعتمد على تقسيم المواطنين الى فئات وانشاء محاكم تطبق قواعد قانونية واجرائية خاصة بكل فرد حسب فئته. ويحتوي هذا النوع على نماذج متعددة ، منها على سبيل المثال لا الحصر :
- تطبيق انظمة قانونية مختلفة في مناطق قانونية مختلفة ( مثل الهند التي تستثني من قوانينها كشمير وبكستان)
- محكمة واحدة تطبق انظمة مختلفة بحسب الطوائف : ( باكستان )
- محاكم مختلفة بحسب المجموعات الدينية المختلفة . ( لبنان )
- محاكم مختلفة بحسب عقد الزواج ،ان كان [ ديني ،عرفي،مدني] ( بريطانيا )
اذا ،ماهو موقع البحرين مما تقدم ؟
البحرين تطبق التوجه الاسلامي الاول والذي يتضمن اتباع القوانين التقليدية المحافظة في الاحوال الشخصية ، وهو اتجاه غالبية الدول العربية ( يعلل ذلك بالرجوع لدين الدولة الاسلامي ، رغم ان القوانين المدنية والتجارية وغيرها ترجع لمصادر اخر والتي ربما تخالف الشريعة الاسلامية احيانا ).
كما وتطبق النظام القانون المزدوج بتقسيم الشعب الى طائفتين ( سنية.شيعية) ، وتطبيق انظمة قانونية مختلفة بمحاكم مختلفة .
- يرتب وضع البحرين السابق عدد من الاشكاليات السياسية والاجتماعية والقانوني بشكل مباشر او غير مباشر ، ساتناول مشكلتين ،تاركة البقية لتعقيب الحضور .
- اولا : صدور قانون الاحوال الشخصية لشق السني فقط .
(كلما زادت الفكرة هشاشة زادت شراسة اصحابها في الدفاع عنها ) ، وهذا ماحدث بالفعل قبل عدد من السنوات عند طرح مشروع احوال الاسرة الموحد بتلقيه موجة صدود قوية بعد حملة اعلامية استهدفت وتقصدت تشويه المشروع بنشر معلومات خاطئة عنه مثل احتواءه على قواعد تخالف الشريعة الاسلامية ،مستغلين بذلك بحسب رايي , المعرفة بالحقوق, و قصور الفهم السياسي والقانوني في الية تحصيلها.
اليوم وبعد مرور مايقارب ست سنوات على اصدار قانون احوال الاسرة بالشق السني وتطبيقه في ٢٠٠٩/٧/١، شهدت المحاكم السنية تطورا التيسيير على القاضي المتقاضين من حيث مصادر الحكم وسرعة البت في الدعاوى، فرغم وجود بعض العيوب في القانون الا ان وجوده افضل من عدمه .
وبعكس ذلك فان المحاكم الجعفرية مازالت يتيمة القانون ، يرجع في احكامها الى الاحكام السابقة او اعتماد اجتهادات القضاة رغم المطالبات التي بلغت عمرها العشرين لاصدار القانون .
بالنتيجة ، عدد من النقاط تحتسب ضد التراخي باتخاد خطوات جادة وحقيقة لحل المشكلة من جذورها ، تتمثل بتناقض الاحكام بوقائع متشابهة , فكل قاض يحكم بحسب اجتهاده او حتى مزاجيه ، لغياب الرقابة على عمل القضاة وصعوبته في الواقع لوجود ماشاءالله من المراجع الفقهية الضخمة , يضاف الى ذلك اثقال القضاء بالقضايا المتراكمة لسنوات عدة قبل صدور الحكم ، اي اطالة عمر الدعوى بمعنى اخر ، حيث وبحسب ما نشر في جريدة الوسط العدد (٤٥٨٧) بهذا العام : في الفترة مابين ٢٠٠٩ و ٢٠١٥ اكثر من ١٢ الف قضية معطلة مابين طلاق ، خلع ، نفقة وحضانة اضافة الى ٣٠٠٠ قضية طلاق للضرر معلقة منذ ٢٠١١ , وهذا يؤكد على ان المراة هي الضحية الاولى ، التي تدفع الالامها وضياع حقوقها نتيجة التهاون بقانون اساسي لضمان واستقراها وامانها والبالتالي امن و استقرار الاسرة اساس المجتمع , ينعكس الاثر بشكل او باخر على المجتمع ككل وعلى تقدمه او خلفه.
- ثانيا : التمييز ، وغياب المساواة .
ان تطبيق القانون المتوازي في المسائل المعلقة بالاحوال الشخصية يولد طبيقية حقوقي على اسس عقائدية ، خصوصا بالنسبة للمراة كونها الحلقة الاضعف في العلاقة ،مخالفين بذلك نص المادة ( ١٨) من دستور البحرين :(( الناس سواسية في الكرامة الانسانية ويتساوى المواطنون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس او الاصل ،او اللغة ،او الدين ،او العقيدة )))
،اضافة الى اتفاقية السيداو في المادة الثانية فقرة (ب) : اتخاذ المناسب من التدابير التشريعية وغيرها ،بما في ذلك مايقتضيه الامر من جزاءات ، لحظر كل تمييز ضد المراة . هذا الى جانب تكريس الطائفية البغيضة وتاصيل تقسيم المجتمع و التمييز في توزيع الحقوق باسم القانون ، وفق لذلك اما نلت الدرجة الاولى او بقيت في غياهب مادونها .
ختاما ،يجب الاعتراف بموجود المشكلة كخطوة اولى , ومحاولة ايجاد اسبابها وحلها والتي ارى من وجهة نظري المتواضعة , انها تكمن باعادة النظر في تعريف المواطنة ، بناءا على اسس المساواة والعدالة ومايتطلبه ذلك من عمل اصلاحي باصدار قانون موحد للاحوال الشخصية ،معياره الوطنية بالتخلص من التبعية و الاصطفافات الطائفية والمذهبية , الى جانب سياسية متكاملة لنشر الوعي بالثقافة القانونية , والا فاننا نعود الى نقطة الصفر مع عدم جود ارضية خصبة .
المصادر :
- ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
- موقع عبد الخالق حسين :
- مقال ( مشروع القانون الجعفري ولد يتيما )
- مقال ( قوانين لتكريس الصراعات الطائفية) .
- جريدة الوسط العدد (٤٥٨٧)
ورقة قدمت في منتدى (المرأة وآليات التغيير المجتمعي)
بقلم احلام الشويخ طالبة حقوق بجامعة البحرين
الأراء المطروحة في هذا المقال تمثل أراء الكاتب ولا تعبر عن أراء منظمي نقاش البحرين