الرئيسية / المرأة / المواطنة وقانون الأحوال الشخصية

المواطنة وقانون الأحوال الشخصية

مقدمة   

سنبدأ بالتعريفات المفتاحية الآتية:  مفهوم الأحوال الشخصية و قانون أحكام الأسرة والمواطنة .

مفهوم الأحوال الشخصية : يعرف قانون الأحوال الشخصية بأنه ( مجموعة القواعد القانونية التي تنظم علاقة الأفراد فيما بينهم من حيث صلة النسب والزواج والمصاهرة ، والحقوق والواجبات التي تنشأ عن هذه العلاقة في جميع مراحلها.وهي بذلك تنظم رابطة الزواج وما ينشا عنها من مصاهرة وولادة وولاية و حضانة وحقوق متبادلة، وما قد يعتريها من انحلال تترب عليه حقوق في النفقة والحضانة والارث والوصية). 

قانون أحكام الأسرة :  هو قانون ينظم العلاقات الأسرية ، لكنه يتضمن موضوعات محددة مثل الخطبة والزواج والطلاق والآثارالمترتبة عليهما من نفقة وحضانة ونسب، ويستثني الهبات والوصايا والمواريث والوقف .

 المواطنة : مفهوم حقوقي سياسي قانوني في الدولة الديمقراطية الحديثة مرتبط بمبادىء الحرية والعدالة والمساواة ، تأكد في الإعلان العالمي لحقوق الانسان 1948 وغيره من اتفاقيات متتالية في مجال حقوق الانسان. وقد تبنى المجتمع المدني في البحرين ومنه الحركة النسائية الرائدة هذا المفهوم تلقائيا، ورأت الحركة النسائية فيه منطلقا إنسانيا أولا، ثم حقوقيا ثانيا، واضعة نصب عينيها مصلحة المرأة والطفل والأسرة دون مواربة، وبشكل لا يعارض الشريعة الإسلامية ولكن في نفس الوقت مراع لاحتياجات الأسرة المتجددة والظروف الحياتية المتغيرة ، بحيث لا تكون المرأة والأطفال أكباش الفداء.

ومن خلال مؤتمرات المراة العالمية المتتالية حتى اتفاقية مناهضة التمييز 2002م تبلور لدى الحركة النسائية البحرينية اطارا مرجعيا قياسيا عصريا لقياس التقدم وتحقيق العدالة الفعلية في مجالات الاتفاقية الشاملة مثل العمل والتعليم والصحة والسياسة والأسرة والمنافع الاجتماعية والاقتصادية والشؤن المدنية و الأ مور المتعلقة  بالزواج والعلاقات الأسرية.

ان منحى المواطنة الذي اختطته الحركة النسائية البحرينية مكرس في نصوص العديد من مواد ميثاق العمل الوطني والدستور، منها  المـادة (١٨) في الدستور(النـاس سواسـية في الكرامـة الإنسانية، ويتـساوى المواطنـون لـدى القـانون في الحقـوق والواجبـات العامـة، لا تمييـز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة ) ، والمادة (4) في الدستور “العدل أساس الحكم، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين ، والحریة والمساواة والأمن والطمأنينة والعلم والتضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين المواطنين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة” والمادة (5) أ- الأسرة أساس المجتمع ، قوامها الدین والأخلاق وحب الوطن، یحفظ القانون كيانـها الشرعي، ویقوي أواصرها وقيمها، ویحمي في ظلها الأمومة والطفولة، ویرعى النشء ، ویحميه من الاستغلال، ویقيه الإهمال الأدبي والجسماني والروحي . كما تُعنى الدولة خاصة بنمو الشباب البدني والخلقي والعقلي. ، (5) ب – تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع ، ومساواتها بالرجال في ميادین الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادیة دون إخلال بأحكام الشریعة الإسلامية.

وتستفيد الحركة المدنية المطالبة بإصدار قانون موحد للأسرة في البحرين من تجارب الدول الاسلامية الأخرى التي صار عندها القانون أو مدونة للأحوال الشخصية موفقة بين تشريعاتها الوطنية والصكوك الدولية بدافع تحقيق عدالة ومساواة فعلية أكبر. ومن  بين هذه الدول المغرب التي أدخلت تعديلات كثيرة حول القانون الجديد للأسرة المغربية بهدف انصاف وعدالة أكبر، ومنها جعل الولاية في الزواج حق للمرأة الرشيدة ، تقييد حق تعدد الزوجات ، مساواة المرأة والرجل في سن الزواج المحددة في 18 سنة ، جعل الطلاق حقا للزوجة والزوج تحت مراقبة القضاء وتوسيع حق المرأة في طلب التطليق للضرر..

وفي مدافعتها عن قانون متقدم للأسرة، دعت الحركة النسائية منذ البداية و لازالت، الى قانون موحد للأحوال الشخصية يراعي التمايزات المذهبية التي شكلت نسبة قليلة ، بحيث تكون كتابة النصوص المتشابهة مرة واحدة، أما الأحكام المختلفة في موضوع ما فتكتب مرتين ،و فق المذهبين .  كان ذلك الاتجاه يفكر في المرأة البحرينية بعمومها بغض النظر عن مذهبها، فهي تستحق القانون أيا كان مذهبها دون تعطيل أو تسويف، حتى لو خرج القانون في وثيقة واحدة بقسمين ولكن في وقت واحد. 

أدوار الأطراف الرئيسية في اصدار قانون أحكام الأسرة :

من المفيد الالمام بمواقف وأدوار وجهود الجهات الرئيسية التاريخية في اصدار قانون الأحوال الشخصية في البحرين ،والتعقيدات المحيطة به، من أجل تشكيل رؤية واقعية حول الخطوات المؤملة لاستكماله في المستقبل . 

لجنة الأحوال الشخصية :

ان تاريخ المطالبة الأهلية  باصدار قانون موحد للأحوال الشخصية في البحرين مراع للمتغيرات العصرية يرجع الى  الثمانينات، حيث تأسست لجنة الأحوال الشخصية في العام 1982م بمبادرة من  ثلاث جمعيات نسائية هي نهضة فتاة البحرين وجمعية أوال النسائية و جمعية رعاية الطفل والأمومة وعدد من الأفراد المهتمين في مجالات علم الاجتماع والقانون والاقتصاد والاعلام .

واستندت  اللجنة في مطالبتها الى نتائج دراسة رصينة حول أوضاع النساء في المحاكم، تناولت مسائل عديدة، مثل الطاعة وسن الزواج ، وتعدد الزوجات ونفقة الزوجة و الولاية في عقد الزواج وأنواع الطلاق وآثار الطلاق مثل حضانة الأولاد ونفقتهم . وقد أظهرت الدراسة القيمة إساءة استخدام العديد من الرجال حقوقهم الزوجية وتقتيرهم على الأبناء، وتزويج أولياء بناتهم لأزواج كبار في السن أو غير أكفاء. ويسجل للجنة دورها في صدور قانون الولاية على المال في العام 1986م و صدور قانون المرافعات أمام المحاكم الشرعية في العام 1987، وفتح ملف حق المرأة في الانتفاع من الوحدة الاسكانية المقدمة من وزارة الإسكان مناصفة مع الرجل.

وفي التسعينات،وما بعدها شرعت مكاتب الارشاد الأسري بعدد من الجمعيات النسائية مثل النهضة وأوال، وكذلك مركز بتلكو لرعایة حالات العنف الأسري في توثيق احصائيات ميدانية لحالات عديدة يعانين من أشكال متنوعة من سوء العلاقة الزوجية من بينها استخدام الأزواج للعنف والابتزاز المالي عند طلاق الخلع وغيرها من أنواع لسوء المعاملة. كذلك ركزت  لجنة العریضة النسائیة على المطالبة بإصلاح القضاء الشرعي وعرض حالات عديدة للمتضررات من أحكام القضاء الشرعي.

وأضحت الحاجة ملحة أكثر لتقنين قواعد السلوك بين أفراد الأسرة عبر اصدار قانون ينظم العلاقات الأسرية ويضع قواعد عادلة مكتوبة لحماية حقوق جميع الأفراد فيها، ويحفظ كرامتهم الإنسانية ، عوضا عن جملة  الاجتهادات والتأويلات المتباينة للقضاة الشرعيين في الوقائع المتشابهة ، التي تحتمل الصواب والخطأ ، وفق مصادر من عصور سابقة وضمن بيئات ثقافية سائدة . على اعتبار أن التقنين سيحسن شروط تحقيق العدالة للمتضرر من النساء والرجال والأبناء ويمنع القاضي من إصدار الأحكام وفق تأويله الخاص حسب التطبيق المأخوذ به في المحاكم الشرعية .

وعبر مراحل مسيرتها الطويلة والمضنية ، وضعت الحركة النسائية نصب عينيها تحسين أوضاع المرأة انطلاقا من الشريعة الإسلامية والاستفادة من الروافع القيمية والحقوقية مما تتفق عليه الخبرة الإنسانية المتحضرة في صورة اتفاقيات دولية ، وتكييف للنصوص بقراءات متجددة لفقه الواقع ، مع الدعوة لاصلاح القضاء والمؤسسات المساندة .. وأضحت أكثر وعيا وبحثا وصراحة في مواجهة مواطن الخلل والتمييز وكل ما يترتب على الاستمرار فيه من انعكاسات ونتائج سلبية ترتد على المرأة كإنسان، وعلى الاسرة كخلية أساسية في بناء المجتمع، وعلى المجتمع ككل . 

دور الاتحاد النسائي :

استكمل الاتحاد النسائي مسيرة الجمعيات النسائية وسعى منذ تأسُسه في 2006، لدعم استصدار القانون وقام بدعوة عدد من المشايخ من الطائفتين الكريمتين لإيجاد ( توافق مجتمعي) مقبول من الأطراف المجتمعية كافة ومن الطائفتين، عبر ترتيب لقاءات عديدة وحوارات واجتماعات مابين علماء ومشايخ الطائفتين.

وخاطب الاتحاد المجلس العُلمائي الذي أوضح بدوره عبرالمخاطبات أنه مع القانون بشرط الضمانة الدستورية، و من جانب آخر فإن الاتحاد مهد للقاءات وحوارات ( لجنة المشايخ السُنة ) والتي اجتمعت على مدار 14 شهراً، وأبدت أيضاً ملاحظاتها وتعديلاتها على المقترح الكامل للقانون، وقد رُفع إلى الديوان الملكي مع ملاحظات على المُسودة الجعفرية ، إذ تم الاتفاق على أن يُؤخذ هذا الجهد بعين الاعتبار، ثم تشكلت لجنة من عدد من أعضاء لجنة المشايخ وممثلين عن الحكومة من بينهم وزير العدل للمواءمة بين مُسودة الاتحاد ومُسودة الحكومة، ولكن تم التراجع من قبل الحكومة عن هذا التعاون بدعوى وجود شبهة دستورية.

لقد أكد الاتحاد النسائي دوما على موقفه من صدور قانون واحد يضم القسمين معا السني والجعفري في نفس الوقت لتستفيد منه المرأة البحرينية واعترض على قبول المجلس النظر في الشق السني فقط بعد سحب الشق الجعفري في أكتوبر 2009م . وجاء في بيان الاتحاد «يؤكد الاتحاد النسائي أنه مع استصدار قانون واحد يصدر في وقت واحد لكل فئات الشعب ويرفض أن يتبنى المجلس التشريعي الذي يمثل كل أبناء الشعب ويشرع لهم جميعاً مشروع قانون لطائفة واحدة فقط وكأن المتضررات والمتضررين في قضايا الأحوال الشخصية ينتمون إلى فئة دون أخرى، وفي هذه الحال إلى من يحتكم أبناء الطائفة الأخرى، أيُنشأ لهم مجلس تشريعي خاص بهم، وبالتالي فإن الاتحاد النسائي البحريني يدعو مجلس النواب إلى اتخاذ قرار تاريخي يرفض فيه مراجعة القانون (أُحادي الطائفة) وألا ينجر إلى تسجيل سابقة خطيرة تؤكد على تعميق الطائفية وتجزيء المجتمع البحريني وتفتيته على أرض الواقع عبر التشريع».

وطالب الاتحاد النسائي الحكومة التي رفعت القانون بداية بشكل موحد بالقسمين إلى المجلس الوطني سعياً للتشريع له، أن تواصل العمل في دعم القانون الذي رفعته، وليس فقط الاكتفاء بمجرد تقديمه ثم القبول بسحبه وتجزيئه بما يتعارض مع التزاماتها الطوعية أمام مجلس حقوق الإنسان.
كما دعا الاتحاد النسائي مؤسسات المجتمع المدني، إلى التحالف معه في دعم واصدار هذا القانون الموحد وحشد التأييد والمناصرة له.

دور المجلس الأعلى للمرأة :  يؤكد المجلس الأعلى للمرأة منذ نشأته في الثاني والعشرين من أغسطس2001 انه ليس جهة ذات اختصاص بوضع وإصدار التشريعات، بل بتقديم الاقتراحات بتعديل التشريعات الحالية المتعلقة بالمرأة، وإبداء الرأي في مشروعات القوانين واللوائح والقرارات المتعلقة بها قبل عرضها على السلطة المختصة، والتوصية باقتراح مشروعات القوانين والقرارات اللازمة للنهوض بأوضاع المرأة.  وقد كان للمجلس دورا إيجابيا بالإضافة الى جهود المجتمع المدني السابقة في  صدور قانون صندوق النفقة، تعديل قانون الإجراءات أمام المحاكم الشرعية، وإضافة صفة الاستعجال على القضايا الشرعية وزيادة عدد المحاكم الشرعية، وتعديل وثيقة الزواج.

ودعما لاصدار الشق الثاني من القانون ، أجرى المجلس الأعلى للمرأة استطلاعا  للرأي خلص فيه إلى ان تقنين الأحوال الشخصية حاجة مجتمعية ملحة، وباشر عام 2005م بالحملة الوطنية لإصدار قانون أحكام الأسرة على مرحلتين واستمرت من سبتمبر 2005 وحتى مارس 2006م تنفيذاً لتوصيات دراسة نفذها مركز البحرين للدراسات والبحوث بتكليف من المجلس الأعلى للمرأة بعنوان” قانون أحكام الأسرة .. حاجة مجتمعية ملحة”. وصدر قانون أحكام الأسرة بشقه السني فقط ، بتاريخ 9 أبريل 2009، عبر القنوات الدستورية.

ان تبرير الدولة في تقارير متابعة تنفيذ اتفاقية السيداو، بأن اختلاف الاجتهادات القضائية في مسائل الأحوال الشخصية أفشل محاولات السلطة التنفيذية والمؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المـدني، لإصدار قانون موحـد لأحكـام الأسرة لكلا الطائفتين (السنيّة والشيعيّة)، وإصدار تقنين واحد يجمع هذه الأحكام أو علـى الأقل إصدار قانونين أحدهما للشق السني والآخر للشق الشيعي ، لا يعفيها مسؤولية العمل على تهيئة الأجواء ودعم مجموعـات المجتمـع المـدني النـسائية نحو اصدار القانون .

كذلك فان زعم الدولة أن تحفظاتها على المادتين الثانية والسادسة عشرة من الاتفاقية لا تمس مبدأ المساواة بين المرأة والرجل، بل ترمي الى التطبيق المتوازن والكامل في إطار الشريعة الإسلامية، هو قول لا يعفيها مسؤولية استمرار العمل نحو تضييق وتحديد أوجه التناقض مع الشريعة ، خاصة وانه يتم الاستشهاد بمواد الدستور العديدة التي تؤكد على مبدأ المساواة.

لقد حثت اللجنة الدولة علـى أن تتخـذ، كمـسألة ذات أولويـة، جميـع التـدابير اللازمة، بما في ذلك من خلال حملات التوعية بين جميع قطاعات المجتمع، ولا سيما القـادة التقليديين، ورجال الدين، ووسائط الإعلام المجتمع المدني بشأن أهمية اعتماد قانون أسرة موحد ينص على المساواة للنساء في الحقوق. كما دعت اللجنة الى رفع الحد الأدنى لسن الزواج للفتيات مـن ١٥ سـنة إلى ١٨ سـنة، و الى الإسـراع بدراسـة الآثـار الاقتـصادية المترتبـة علـى الطـلاق بالنـسبة للمـرأة واتخاذ جميع التدابير المناسبة  لمعالجة تلك الآثار والقواعـد الحاليـة لتوزيع الممتلكات ولإسناد الملكيّة.

كما تدعو اللجنة الى الاستفادة مـن تجـارب البلـدان الأخـرى ذات الخلفيـات الدينيـة والأنظمـة القانونية المماثلة والتي تمكنت من التوفيق بين تشريعاتها الوطنية والصكوك الدولية الملزمـة قانوناً الـتي صـدّقت عليهـا، وتحديـداً في مجـال المـساواة في الحقـوق بـين الرجـل والمـرأة في مجالات الزواج والطلاق وحضانة الأطفال .

موقف رجال الدين والعلماء من التقننين والقانون :

 تباينت مواقف رجال الدين الشيعة حول أهمية وكيفية اصدار القانون منذ  2002 الا أن موقفا رسميا علمائيا عاما طرح في العام 2005م ، وهو الموافقة على التقنين بشروط محددة وهي : مرجعية الشريعة الإسلامية، مع إضافة مادة في الدستور من أجل بقاء القانون إسلاميا غير متعرضا للتغيير، الا بالرجوع للمرجعية الدينية العليا للشيعة.

ان البعض من قضاة المحكمة الجعفرية ساهم في صياغة المسودات الأولى الخاصة بالمذهب في العام 2002 ، ثم صار الرفض البات لفكرة التقنين من خلال المجلس الوطني عبر حملات مناهضة عارمة في عام 2003 ، باعتبارالقانون متعلقا بأحكام شرعية تعبدية من اختصاص الفقهاء فقط دون سلطة أو برلمان، مع شرح المخاوف العديدة مثل تهميش الشريعة ودور العلماء واحداث مخالفات شرعية جسيمة على أيدي غير مختصين والاتجاه الى العلمنة . وفي العام 2005  تحول موقف العلماء الى قبول التقنين ولكن بشروط واضحة ومحددة هي : مرجعية الشريعة الإسلامية مع إضافة مادة في الدستور من أجل بقاء القانون إسلاميا غير متعرضا للتغيير ، الا بالرجوع للمرجعية الدينية العليا للشيعة، مع تأكيد الدعوة لمن يطالب بضرورة وجود القانون، أن يدعم التوجه العلمائي بضرورة وجود الضمانات. 

دور مكاتب قضايا المرأة في الجمعيات السياسية :

تابعت مكاتب المرأة في عدد من الجمعيات السياسية موضوع اصدار القانون مدافعة عن اصدار قانون موحد ومتقدم ومن بينها جمعية العمل الوطني الديمقراطي و جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي . وأصدر مكتب قضايا المرأة بجمعية العمل الوطني الديمقراطي، وعد، في مارس 2008م ، كتيبا بموقف الجمعية حول اصدار قانون موحد، تضمن قراءة قانونية في مقترح مشروعي القانون وفق المذهبين، وبحثا لمواقف الأطراف الرئيسية في الملف ومن بينها موقف المجلس العلمائي . وأتى موقف الجمعية متطابقا وموقف الحركة النسائية بإصدار قانون موحد يراعي التمايزات المذهبية سيما وأن عددا كبيرا من عضوات الجمعية ينتسبن تاريخيا الى الجمعيات النسائية الرائدة في الدفاع عن حقوق المرأة والأسرة.

الرؤية المؤملة لاصدار القانون الموحد مسقبلا:

ان ملفا شائكا وصعبا مثل القانون الموحد للأسرة البحرينية يتطلب إعادة فتحه مع توفر النوايا الحقيقية من كافة الأطراف، وفي مقدمتها الدولة، مع مراعاة السياق العام والتغيرات التي طرأت منذ آخر محطة للمداولات حول القانون وللتغيرات بعد الحراك الجماهيري في العام 2011م وأوضاع حقوق الانسان والانتهاكات الجسيمة التي وثقها تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق . ان المسؤلية الأولى وواجب تحريك المياه الآسنة تقع على الدولة لفك خيوط الاختلاف ، حيث أن الحركة الرسمية تجمدت بعد سحب مشروع القانون الجعفري واصدار الشق السني، واقتصرت الدولة على ردود ممثليها عبر الجرائد والتقاريرالرسمية الى لجنة خبيرات المرأة في الأمم المتحدة بمبرر عدم تواجد التوافق المجتمعي ومسؤولية المجتمع المدني في خلق هذا التوافق الهام.

وحيث اتفق الجميع على عدم جدوى فرض قانون سيلاقي المقاطعة الواسعة من النساء المتمسكات برأي مرجعيتها، فان مسؤولية كبيرة مطلوبة من كافة الشركاء لمواجهة استمرار معاناة النساء داخل الأسرة ومناقشة التفاهمات المقبولة عبر المؤسسة التشريعية.

ومع التأكيد على أهمية صدور القسم الثاني من القانون على طريق القانون الموحد، فانه لايمكن انكار واغفال الواقع الحقوقي الذي يعيشه جمهور معارضي القانون الجعفري، الذي شكل غالبية المحتجين في حراك 2011م . فالمئات من الأسر في هذا الشارع يواجه واقعا مريرا من تواجد الأبناء والأزواج والأقارب والأطفال خلف القضبان، أو من العيش بلاوظيفة بعد الفصل من العمل اثر الأحداث ، ويواجه آخرون منهم أحكاما طويلة الأمد في السجن، وقرارات سحب الجنسية وأخرى منتظرة للاعدام، ، وكل تلك الانتهاكات لا تشعر هذا الجمهور بأجواء للمصالحة أو الثقة في أية نقاشات اجتماعية مجتزأة حول قانون أو غيره ، ولا حتى في المؤسسات التي تم تشكيلها بعد تقرير لجنة تقصي الحقائق لتنفيذ التوصيات التي لم تنجح في تحسين الأوضاع.

ان هذا الواقع لم يتبدل حتى بعد مرور أربعة أعوام ولا يمكن تجاهل ذلك عند مناقشة أية نوايا مستقبلية لاصدار القانون. وباتت الحاجة المجتمعية جلية لمبادرة وطنية شجاعة شاملة، تفكك الاحتقان السياسي والاجتماعي وتضع الأمور على خارطة طريق وطنية بدل المعالجة الأمنية المستمرة  .

ورقة قدمت في منتدى (المرأة وآليات التغيير المجتمعي)

بقلم فريدة غلام الناشطة في مجال حقوق المرأة و الشأن العام

الأراء المطروحة في هذا المقال تمثل أراء الكاتب ولا تعبر عن أراء منظمي نقاش البحرين 

عن The Bahrain Debate

‏نقاش البحرين: مبادرة للحوار المدني تهدف لخلق مساحة للحوار والبحث عن الحلول The Bahrain Debate: an initiative for civil discourse

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>

إلى الأعلى